السيرة الذاتية للشيخ احمد ماضي ابو العزايم

القادة

وأثرهم فى مجال الصناعه

للدكتور جمال ماضى ابو العزايم

كان خطاب الرئيس جمال عبد الناصر امام مجلس الشعب عهدا امام الشعب وتحديدا للمسؤليات التى تتطلبها المرحله القادمه ..تضمن عهد جمال عبد الناصر امام الشعب خمس مشؤليات خطيرة .. أولى هذة المسؤليات هى تمهيد الطريق امام جيل جديد يكون على اتم استعداد للقيادة ولحمل الامانه ولمواصله التقدم بها.. اكثر وعيا من جيل سبق . ومن المعلةم ان هناك صفات عديدة يجب ان تتوافر فى المشرف على قيادة اى جماعه من الجماعات .

واهمها الذكاء ، وحسن الحكم على الامور،والبصيرة، وقوة الخيال، والقدرة على تحمل المسؤليه، وروح الفكاهه، واتزان الشخصيه، والاحساس بالعداله الثلى، والقدرة على التنسيق، والقدرة على التعبير عىل الرغبه العامه للافراد والجماعاتى، وعدم التحيز ،والقدرة على اظهار ما حدث من تقدم فى محيط العملومما لاشك فيه ان هنااك ثورة أصلاحيه كبرى فى محيط العمل والعمال وقد ألقت الثورة فى هذا الميدان بكل طاقتها فمن بناء الاف المصانع المختلفه الى استخدام مئات الالوف من العمال وتدريب الكثيرون منهم على اعمال لم يقوموا بها من قبل ، واستخدام الات لم يعملوا عليها الا حديثا ، ومن انشاء المدارس الصناعيه التى تخرج الالوف من العاملين المزودون بالثقافات الصناعيه ، ةتدريب هؤلاء فى داخل البلاد وخارجها والسباق على دفع عمليه الانتاج والاهتمام بدرجه الاتقان والجودة ، وأن هذة التفاعلات الهامه فى هذا الشعب المتطور هذا الشعب الذى مكث فترة من الزمن يعمل فى جو الزراع الهدئ . جو الزراع الذى لم يتقدم من قديم الزمان الا اليسير. ان هذة القفزة الكبرى فى مجال الصناعه تحتاج الى المزيد من العنايه بالصحه النفسيه فى محيط العمال وتفهم مشاكلهم والعمل على اتاحه احسن السبل لرعايتهم .

وهذا الجو الثورى المتقدم يحتاج الى قادة يرعون تقدمه ويكونون المثل الحيه لمؤازرته ورعايته ، وقد قامت الثورة فى هذا الميدان بتطوير كبير فى سبيل اتاحه احسن الفرص للقيادة البناءه فى محيط المصانع . فتطورت مجالس الادارات وانتخب فيها اعضاء من اعمال وشارك العمال المنتخبين لاول مرة فى القيادة فى الفعليه للمصانع والمؤسسات، وقامت النقابات المختلفه ترعى مصالح العمال ، واخيرا دخل الاتحاد الاشتراكى فى كل مؤسسه وانتخب من المعلمين عشرين عضوا كونوا لجنه الوحدة ، وانتخب من هؤلاء العشرين عضوا احدهما الامين والاخر الامين المساعد يقودون الوحدة ويعملون مع لجنه العشرين لتعرف مشاكلها وحلها ان امكن ذلك .

وأقيمت المؤتمرات لجميع العاملين فى الوحادت واكن يراس هذة المؤتمرات امين الوحدة ويساعدة الامين المساعد .

وقد لمست عن قرب فى المؤتمرات والندوات التى عقدت للعمال بمصانع حى الوايلى لنشر الوعى النفسى بينهم اهميه القيادة فى استقرار الاحوال فى محيط المصانع ، وكنا نشاهد صورا حيه تعكسها شخصيه مدير المصنع .

ففى بعض المصانع كان الهدوء والنظام  والاستقرار والطمأنينه تسود العمال وفى مصانع اخرى كانت القلق وكثرت الشكوى والعناد والاندفاع تظهر على سيما العاملين . وكانت هناك علاقه بين شخصيه المشرف المتزنه القويه الهادئه وبين الهدوء والنظام والطمأنينه التى تظهر على  العاملين . كما انه كانت هناك علاقه اخرى بين شخصيه المشرف القلقه الضعيفه الغير مستقرة وما كان يظهر من العاملين من كثرة الشكوى والعناد وعدم الاستقرار .

ففى احد المصانع استقبلنا مدير المصنع ومعه رؤساء العمال . واجتمعنا معهم فى غرفه المدير ودار النقاش بيننا وبينهم حتى نتعرف على مشاكلهم ووجدنا ان كلهم جميعيا يشعرون بالمسؤليه وينظرون نظرة جديه الى تطوير العمل وزيادة الانتاج ، وعندما عقدت الندوة وحضرها جميع العاملين بالمصنع وعندما وقف المدير يلقى بكلمته كان والجميه يظهرون مشاكلهم وحبهم  العميق له ويعربون عن ما يخالج نفوسهم بالتصفيق والتأيد .وعرض الرجل مشاكلهم وطرق حلها وام قام هو شخصيا فى سبيل ذلك وكان يحملهم المسؤليه يتقبلونها بطيب خاطر . وتكرق الحديث لقوانين الاشتراكيه التى ترعى العمال وتحدث عن طريقه تطبيقه لهذة القوانين عند بدء اعلانها وكيف انه كان ايبق الناس بتطبيقها وتكلم عن الرعايه الصجيه العماليه وتكلم كذلك عن رعايتهم صحيا ونفسيا واجتماعيا وكيف ان يتشرف بنفسه على ان ينال المريض منهم علاجه فى اسرع وقت وانه دائم السؤال عن الذين يتغيبون ويزورهم فى بيوتهم ويطمئنعلى صحتهم .

وعرض بعض العمال طلب صرف غذاء لهم اثناء العمل وفى سرعه الخاطر تعرض المدير لهذا الطلب ووصفه بأنه عادل ووضع امامهم الطريق الى الحل وطالبهم بزيادة انتاجتهم حتى يوفر لهم ذلك الطلب دون ان يكلفهم شيئا ورأيت كيف يؤثر فيه وكيف يستمعون له ويجيبون مطالبه حتى زاد انتاجهم فى هذا العام عن العام الماضى 10% ومع ذلك كان يضع امامهم تخطيطا دقيقا للنهوض بالمصنع فى كافه مجالات العمل .

لقد بهرتنى شخصيه هذا المدير ، ورأيت بعينى كيف تكون العلاقات الانسانيه هى الاساس الاةل للتغلب علىى مشاكل الصناعه ومشاكل العمل ، وعندما وقف بعض العاملين يلقون بكلماتهم كانت كلها مؤيدة له شاكرة روحه البناءه معاهدة له على العمل والتفانى فيه…

وفى ندوة اخرى فى مصنع اخر وصلنا فى الميعاد القرر فلم نجد الا عددا قليلا من العمال وذهبنا الى ماكن الاجتماع وكان فى مكان غير مناسب ورغم انه قد ركب مكبر الصوت ألا ان الصوت لم يكن مسمعا نظرا للضزضاء التى احدثتها الماكينات التى ظلت تعمل، ووجدنا فريق من اعملا يحاول ان يوقف وفريق اخر مستمر فى العمل لاحبا فى العمل والانتاج ولكن تحديا لزملائهم الذين يريدون ان يهيئوا الجو المناسب للندوة واخيرا بدأنا الندوة وراسها المشرف على العمال وكانت كلمته تعكس القلق وعدم القدرة على تحمل المسؤليه وتكلم عضو اخر كلمه قصيرة ثم حضر مدير المصنع ووقف العمال يطالبونه بتحقيق شكاواهم العديدة وظهر الارتباك عليه ولم يقو على ابداء رأيه والتحدث معهم . وانتهز الفرصه فريقا اخر من العمال بثوا فى اخوانهم سموما ضد مصلحه العمال والعمال عندئذ بدأنا نعالج الموقف وتكلمنا عن اهميه العمل كفريق واحد وتحدثنا عن المكاسب الاشتراكيه وكيف ان هذة الندوة وهذة الجلسه من اكثر ثمرات الاشتراكيه وكيف ان هذا الاجتماع ان دل على شئ فأنما يدل على روح الديمقراطيه الحقه وانه السبيل لمعرفه المشاكل وعلاجها ، والحقبقه ان اكبر مشكله كانت فى هذا المصنع هى فقدان الثقه بين العاملين ورئيسهم فى العمل نفسه.

وكانت هذة هى مشكله العمال ولو ان المشرف عليهم كان ذو شخصيه قياديه لوقفت شكاوهم ولظهر ذلك فى هذا الاستعداد للندوة وما دار فيها وحل مشاكل العمل والعمال . والامثله على ذلك لاتحصى ولا تعد فشخصيه القائد والشرف لها اثرها على الاستقرار والعمل والانتاج ليس فقط فى محيط العمال ولكن فى كل جماعه يقودها قائد فى البيت وفى المدرسه وفى كل تجمع نجد ان للقائد أثرة على من يعيشون معه ..

وقد اضرنا فى افتتاح هذة الكلمه أن هناك صفات عديدة يجب ان تتوافر فى المشرف على اى جماعه ، الذكاء، وحسن الحكم على المور، والبصيرة، وقوة الخيال ، والقدرة على تحمل المسؤليه بروح الفكاهه ، وأتزان الشخصيه ، والأحساس بالعداله والقدرة على التنسيق ،والقدرة على التعبير على الرغبه العامه للافراد ، والجماعات، وعدم التحيز، والقدرة على اظهار ما حدث من تقدم فى محيط العمل.

وليس معنى ذلك ان كل قائد يجب ان يكون ذو شخصيه تتصف بهذة الصفات فى جميع الاحوال لان هذا صعب عسير ولكن البعض من هذة الصفات كفيل ان يساعد المشرف والقائد على تحمل مسؤليه القيادة والنجاح فى تطبيقها.

ومن الملاحظ ان عددا من كبار الشخصيات التى تولت الزعامه فى التاريخ لم تكن شخصياتهم تتصف بكل هذة الصفات السابقه، فقد كان بعضهم مصابيين بالصرع وبعض الاضطرابات النفسيه واخرون لايعرفون المرح والبعض ضيق الافق غير عادل، وقد كان بعض القادة الدينيين شعورا بالاثم وعند بعض القادة السياسيين كثير من الاوهام ، وقد نجح بعض الزعماء لان لديهم بعض النقائص فقد نجح هتلر لانه مصاب البارانويا وذلك لان شخصيته كانت تعكس ما كان يعاني منه الشعب الالمانى من حقد دفين وشعور بالاضطهاد ، ونجح هيرست وفورد لانهم مصابان بالحواز والوساوس .

وتفيد الابحاث الخاصه بالولادة ما يلى :

  • هناك علاقه وثيقه بين القيادة وبين المجال الذى يعمل فيه ، فأن القائد فى مكان قد لا يكون قائدا فى مكان اخر .
  • غالبا ما يظهر القائد والمشرف تفوقا فى ناحيه واحدة على الاقل من النواحى خاصه بالعمل الذى يزاوله مع اقرانه.
  • شخصيه القائد يجب ان تكون شخصيه مرنه متزعما مع الفريق الذى يتزعمه والا يكون متحيزا اوميلا الى اتجاه واحد بعينه ويجب الا يكون صلبا لا يتطور مع الظروف .

وأود ان اشير الى ظاهرة عامه قد تبلورت فى حياتنا هذة الايام ، هذة الظاهرة هى تعدد الاجتماعات والمؤتمرات التى يعقدها الاتحاد الاشتراكى العربى فى المناسبات المختلفه وفى الاجتماعات الدوريه بالوحدات المختلفه ،ان هذة الفرصه امام المواطنين الذين يتصفون بالشخصيات القياديه ان تظهر امام العاملين فى كل ميدان ، وهذة الشخصيا ت القياديه عندما تتاح لهم الفرصه بالظهور وتتاح لهم الفرصه فى المستقبل لتحمل المسؤليه سوف تصل بالعاملين الى الاستقرار المنشود الذى يطمئنهم ويحل مشاكلهم ويوفر لهم الصحه ويزيد أنتاجهم ويحسن مستواهم الاجتماعى.

وظاهرة اخرى بدأت فى الظهور وهيا زيادة وعى الجماهير على التعرف على المزايا الشخصيه للعاملين واختيار الاصلح للقيادات وذلك فى الترشيح لوحدات الاتحاد الاشتراكى والنقابات العماليه وللترشيح لمجالس الادارات ولمجالس الاباء ولاعضاء مجلس الامه.

كل هذا التطور الكبير سوف يساعد على اختيار القادة الصالحين فى جميع المجالاتوسوف تستمر تبعا لذلك الاوضاع فى كل ثغر من ثغور المجتمع الذى يزداد انتاجه وتتحسن احواله .

نحن فى حاجه الى هذة الايام لوضع العامل المناسب فى العمل المناسب . واختيار القادة الذين يتحملون المسؤليه عن طيب خاطر ، ويجب ان يكون هنااك تخطيط دقيق لهذا العمل الهام يشرف على هذا التخطيط الاخصائيون فى التربيه النفسيه والاجتماعيه الذين يجب عليهم نشر الوعى الصحيح عن طرق اختيار القادة حتى يختار الاصلح فى المجال الذى يليق له وسوف يعود ذلك بالنفع على العاملين جميعا.

حياته ونشأته:

         اشتملت حياة الشيخ أحمد ماضي ابى العزائم على مجموعة من العوامل زادت من تميزها كما تمتعت نشأته ببعض العناصر التى أعلنت من قيمتها وكشفت عن خصوصيتها ولعل من هذه العوامل حفظ الرأس وموضع الميلاد وهى بلدة محلة أبى على التى نزلت بها أسرة الشيخ عبد الله المحجوب فى العقد الثالث من القرن التاسع عشر الميلادي تقريبا.

ولقد اتخذت بلدة محلة أبى على وضعا ممتاز بالنسبة لإقليم الغربية كله منذ العصور الإسلامية الأولي حيث بني بها مسجد بعد الفتح الإسلامي لمصر كان بمثابة جامعة إسلامية يأتي إليها الطلاب من كل حدب وصب كما اشتهر علماؤه بغزارة العلم والتقوى والورع والزهد وحول هذا المسجد أقيم كثير من المساجد (2) هذا من الجانب الديني.

أما من الجانب الأقتصادى والعلمي فقد كانت هذه القرية قبل إنشاء مدينة طنطا ” مرسي للسفن التى تجوب النيل بحاصلات البلاد، مما جعلها مركزاُ تجارياً واقتصادياً مهماً. وكان للازدهار السياسي والعملي الثقافي إلى جانب المركز التجاري أثر كبير على بلدة محلة أبى على خاصة وعلى إقليم الغربية عامة لكونه كعبة القصد من أهل العلم والتجار وكذلك من الأولياء والصالحين وقد نتج عن ذلك ازدهار فى حياة الناس الدينية والثقافية وكذلك التجارية والاقتصادية فكانت لهم كنز من الثقافات الدنيوية وكذلك الثقافات الروحية (3) التى انعكست على السيد عبد الله المحجوب  وأسرته الكريمة وفى مقدمتهم السيد أحمد ماضي لأنه كان أكبر الأبناء له.

 

 

 

  • أنظر: عبد المنعم محمد شقرف: الإمام محمد ماضي أبو العزائم، ص17 .
  • عبد المنعم محمد شقرف: الإمام محمد ماضي أبو العزائم، صت 18 بتصرف.
  • السابق : صت 18 بتصرف.

كما تعد النشأة الدينية والعلمية التى ربي عليها السيد عبد الله المحجوب أبناءه من أبرز العوامل التى لقمت عقل السيد أحمد ماضي وزادت من نضوجه الفكري ونوعت من زاده الثقافي: مما أسهم فى تكوين شخصية متعددة الثقافات ومتنوعة العطاءات المادية والمعنوية حيث عهد السيد عبد الله المحجوب إلى أحد علماء الأزهر الشريف الذى يثق فى غزارة علمه وفى ذلك يقول الإمام محمد ماضى أبو العزائم ” كنا نحفظ القرآن جميعا ثم أحضر لنا الوالد عالما من الأزهر يسمي الشيخ عبد الرحمن عبد الغفار وكلفة أن يحفظنا متون العلوم ومن الموطأ وحفظنا من الفقه حتي أقرب المسالك حتي السنوسية ومن النحو الأجرومية والألفية، ومن التوحيد الإمام النجاري للزبيدى، ثم كلفه أن يعلمنا النحو (1) فنشأ الأبناء الرغبة العارمة فى تحصيل العلوم وتعلم اللغات والألوان الثقافية والأدبيه المختلفة.

فكان تحصيل العلوم التى لم يدرسها السيد احمد ماضي فى الازهر موجبه وديدنه والباعث على شراء الكتب العلمية ومطالعتها وتحصيل ما فيها وفى ذلك يقول الشيخ أحمد ماضي ” إني منذ كنت طالبا بالأزهر الشريف كنت شديد الرغبة فى تحصيل العلوم التى لم تدرس فى الأزهر، وذلك لأن والدي غفر الله له كان عالما بالطب القديم وبعلوم الفلك وما يتعلق بذلك من العلوم التى كان يعتني بها العلماء فى كل زمان فنشأت أنا وشقيقي السيد محمد ماضي أبو العزائم نشتاق على تحصيل تلك العلوم ودعاني هذا الشوق إلي تعليم لغات أجنبية حتى اشتعلت بالسياسة (2).

وقد كشفت كتاباته عن سعة ثقافته وتعدد مهاراته وقدراته وقد حثته هذه الثقافة الواسعة على عدم البقاء طويلا فى احد المدارس القبطية كمدرس للغة العربية. إذا سرعان ما أعد العدة لإصدار أكبر جريدة عربية إسلامية فى مصر والعالم العربي مع شريكه الشيخ على يوسف (3) وهى جريدة المؤيد التى صدرت عام 1889م فى مصر.

ومن أهم العناصر المؤثرة فى نشأة السيد أحمد ماضي والفاعلة فى تكوينه الديني والثقافي وكذلك العلمي هو والده السيد عبد الله المحجوب أحد علماء الأزهر الشريف الذى برشيد من بلاد مصر عام 1248هـ – 1828م. وتوفي بها عام 1311هـ – 1891م بعد حياة حافلة بالعطاء الديني والعلمي لأبنانة وأبناء قريته (4).

 

  • الإمام محمد ماضي أبو العزائم : اصول الوصول ، ص 3.
  • السيد أحمد ماضي أبو العزائم: وسائل إخطار الحق مطبعة الجمالية – القاهرة طبعة أولي – 1332هـ – 1914م، ص3.
  • محمود احمد ماصي أبو العزائم: الإمام محمد ماضي أبو العزائم، ج 1 ص13.
  • انظرا: محمد السيد المليجي: الشيخ محمد ماضي أبو العزائم ودورة فى النصوص الإسلامي- رسالة ماجستير ( مخطوطه) – كلية دار العلوم – جامعة القاهرة -1415هـ-1995م، ص14

فقد عرف بسعة علمه الديني وخاصة علم التصوف وكذلك علم الطب والفلك وغيرها من العلوم الآخري المتعلقة بها. وكان يمتلك خزانه كتب نفيسة تمتلئ بنفائس الكتب وجواهر الآثار العلمية التى تتسع لمعظم فروع العلم وضروب المعرفة.

وقد أكد السيد أحمد ماضي ذلك عن أبيه عندما ذكر أن والده غفر الله تعالي له ورضي عنه ” كان عالماً بالطب القديم وبعلوم الفلك، وما يتعلق بذلك من العلوم التى كان يعتني بها العلماء فى كل زمان(1) كما يشير الإمام محمد ماضي أبو العزائم إلى أن والده كان يدرس لأبنائه أبواباً من ( أحياء علوم الدين للغزالي كما كانت له خزانه كتب نفيسة (2) ويتبين من النصوص السابقة أن السيد عبد الله المحجوب من الذين أنعم الله عليهم بما يسعد دنياهم وأخرتهم إن شاء الله تعالي، وذلك لأن الحق تعالي ” بسط له الرزق مما كان يتجر فيه من واردات المغرب الأقصي وبما كان له من شركة مع عائلة شتا وهم من أعيان مركز وسوف وكان له نصيب فى مطحن بخاري بمحلة أبى على ,  ومن محلج للقطن ببلدة رشيد على ساحل البحر الأبيض المتوسط .

وكانت داره أشبه بمنتدى أدبي ومجمع علمي يجتمع إليه فيها فقهاء البلدة وعلماؤها بعد صلاة العشاء ليتدارسوا ويتذكروا شتي أنواع العلوم (3).

وهكذا كانت حياة السيد أحمد ماضي مليئة بالدعائم الأساسية التى تحقق التعدد الثقافي والنضوج الفكري، ومن ثم كان نتاجه الفكري راقياً كما كان أسلوبه اللغوي جزلاً وعطاؤه العلمي متنوعا ومتجددا.

وكانت السمات العلمية والأدبية التى تحلت بها شخصية السيد احمد ماضي أحد العوامل التى ميزت كتاباته، وجذبت الكثير من أفراد الشعب المصري بل والشعوب الإسلامية إلى متابعة هذه الكتابات والتماس السبل التربوية والخصائص العلمية التى تمتع بها هذا الكتابات.

كما كانت المكانة الإعلامية التي وصل إليها شيخ الصحافة العربية السيد أحمد ماضي أبو العزائم من أبرز السبل التى جمعته بصفوة أهل العلم والأدب والسياسة فى مصر والعالم العربي والإسلامي.

فكان صديقاً حميماً للزعيم سعد زغلول وعلى باشا مبارك والشيخ على يوسف والعالم الجليل رحمة الله الهندي أحد علماء علم مقارنة الأديان ومؤلف كتاب ” إظهار الحق” (4).

  • أحمد ماضي أبو العزائم: وسائل أخطار الحق ، ص3.
  • الإمام محمد ماضي أبو العزائم : اصول الوصول، ص3و ص4.
  • محمود ماضي أبو العزائم: صفحات من حياة الإمام ج 1 ، ص6وص7.
  • أنظر: السيد أحمد ماضي أبو العزائم : وسائل أظهار الحق، ص 4

والشيخ محمد عبده والزعيم مصطفي كامل(1) كما طارت شهرته إلى بلاد الإفرنج وكان إتقانه للغة الإنجليزية وللغة الفرنسية من وراء مصاحبته للساسة ورجال الحكم فى هذه البلاد ومن هؤلاء ( ادوار دبراون) مستشار دار المعتمد البريطاني فى ذلك الوقت وغيره من أصحاب المراكز العلمية والسياسية الأخرى(2).

فكانت حياة السيد أحمد ماضي رغم قصرها مليئة بالأحداث السياسية والعلاقات الاجتماعية الراقية وكذلك المكانة العلمية والأدبية التى كانت من وراء شهرته فى مصر والعالم العربي والإسلامي.

مكانته عند الإمام أبى العزائم:

         من شيم أئمة الزمان وقادة الفكر وزعماء الإصلاح أن تتسع صدروهم للغريب قبل القريب وأن يغمر فضلهم للمسيء قبل المحسن وأن يشمل عطفهم المبكرة القالي قبل المحب المغالي وهذه هى القيم التى ربي عليهم الإمام محمد ماضي أبو العزائم نفسه وأتباعه، ومن ثم كان أحد الأئمة المعاصرين الذين جدد الله تعالي بهم دينه الحنيف فى هذا الزمان.

ربطت النشأة الطبية والتربية الحسنة بين الإمام محمد ماضي أبو العزائم وباقي إخوته وخاصة المحبين مثله فى طلب العلم وهم السيد أحمد ماضي الذى يكبره بسبع سنين والسيدة زينب أخته.

وقد أثني الإمام أبو العزائم على هذه النشأة عندما أشار إليها فى مقدمة كتابه ( أصول الوصول إلى معية الرسول ) قائلا: ” ولما نشأت حفظت القرآن الكريم (3) وكنت فى هذا السن قائماً بخدمة زاويتنا بها من الآذان والنظافة وكنت مع شقيقي المرحوم السيد أحمد ماضي أبو العزائم المشهور ببلاد مصر بعلوم الدين وبخدمة الوطن 4.

 

 

 

 

 

  • عبد المنعم محمد شقرف: الإمام محمد ماضي أبو العزائم، ص26.
  • انظرا: أحمد حسين الطماوي: وقال عن السيد احمد ماضي – جريدة الأخبار المصرية العدد 24 لسنة 1978 : ص 6.
  • أي ببلدة محلة أبى على.
  • الإمام محمد ماضي أبو العزائم: أصول الوصول، ص 3.

 

فنظراً رحمك الله تعالي إلى الأدب الجم الذى  يتجمل به الإمام أبو العزائم مع أخيه السيد أحمد ماضي وأنظر أيضا على إظهار الإمام للمكانة التى كان عليها السيد أحمد ماضي المشهور ببلاد مصر الذى أسس مع الشيخ على يوسف جريدة ( المؤيد) والدور البارز الذى قام به من خلال كتاباته لجمع الشمل العربي وخدمة جماعة المسلمين وعز علي السيد أحمد ماضي أن يترك أخاه وشريكه في طلب العلم والتعليم الإمام أبي العزائم فى بلدة محلة أبى علي خاصة بعد أن توفيت والدتهما فألح ” على والده بضرورة صحبة شقيقه معه للأزهر الشريف(1) وحفظ الإمام هذا الصنيع فذكره فى حديثه عن حياته ونشأته قائلا: ” وفي السنة السادسة عشرة من عمري توجهت إلي الأزهر الشريف وكان شقيقي إذ ذاك مدير جريدة المؤيد فاشتغلت فى تلقي العلوم(2).

ولم يتوقف حب السيد أحمد ماضي لأخيه الإمام محمد ماضي أبى العزائم عند إتاحة الفرصة له لتلقي العلوم وزيارة الصالحين ومصاحبة علماء مصر والأزهر الشريف ولكنه استثمر زيارته لصديقة على باشا مبارك مؤسس مدرس دار العلوم، فى منزله مصطحباً معه شقيقة الإمام محمد ماضي أبى العزائم وألحقه بها، بعد أن أتم السن القانوني لمدرسة دار العلوم الذى صدق عليه مجلس النظار فى أول شعبان سنة 1304هـ – 25 أبريل سنة 1887م (3).

وفى ذلك يقوم الإمام محمد ماضي أبو العزائم ” ثم كلفني شقيقي أن أنتظم بمدرسة دار العلوم الخديوية فتلقيت بها ما هو مقرر لطلبتها(4) وظل السيد أحمد ماضي يتابع أخاه الأصغر ويشد من أزره حتى ينجح فى امتحان القبول ثم تخرج فى دار العلوم وعين مدرسا بمدرسة المنيا فى أوائل سنة 1311م ثم جاء دور الإمام محمد ماضي أبى العزائم ليفصح عن مدي حبه وارتباطه بأخيه الأكبر السيد أحمد ماضي الذى انتابه مرض فى الرئة، وهذه قوة شبابه فاعتلت صحته وانتهز أهل الفتنة الفرصة فأوقعوا بينه وبين شريكه الشيخ على يوسف،

 

 

 

 

 

 

  • السيد محمود ماضي أبو العزائم: الإمام محمد ماضي أبو العزائم، ج1، ص13.
  • الإمام محمد ماضي أبو العزائم: أصول الوصول، ص 4.
  • السيد محمود أحمد ماضي ابو العزائم: الإمام محمد ماضي أبو العزائم ، ص 13وص14.
  • الإمام محمد ماضي ابو العزائم: أصول الوصول، ص4

 

وافلحوا فى فض هذه الشركة لقاء مبلغ من المال لم يلبث أن نقذ فى مدة وحيرة فى مداواة هذه العلة الطارئة (1) فلم يجد الإمام محمد ماضي أبو العزائم بدلاً من زيادة الجهد والبحث عن أبواب عيش إضافية تكفي للإنفاق على مرض أخيه الأكبر وتحمل أعباء إخوته جميعا.

فكان ” يعمل من الصباح الباكر إلى الظهيرة فى المدرسة ويعطي دروساً خصوصية لأبناء الطبقة الراقية من أصدقائه ” (2) وظل الإمام محمد ماضي أبو العزائم ينفق على أفراد أسرته وأسرة أخيه السيد أحمد وملاحظاً لحالته المرضية حتى حلت الأجازة المدرسية لعام 1892م فقرر الرجوع إلى القاهرة ليخفف ألم البعيد عن أخيه ويبقي بجانبه انتهاء الأجازة الصيفية، فعاد إلى عمله بمدرسة المنيا الابتدائية فى أوائل أكتوبر 1893م ربيع الأول 1311هـ. ولكن شائت الأقدار وكشفت الأيام عن منزلة الإمام محمد ماضي أبي العزائم عند الله تعالي، عندما لحق به أخوه الأكبر السيد أحمد بتبديل طقس مصر البارد، بدف مدينة المنيا قسر الإمام بذلك وقام بدور الأب والأخ البار بجميع أفراد أسرته وما تتطلبه الحالة المرضية لأخيه السيد أحمد من أدوية وعلاجات، حتى وافته المنية فى 13 يناير عام 1894م فكان الإمام أبو العزائم نعم الأخ ونعم الصديق الذى وفى بأخيه وصديقه السيد احمد ماضي وقام  بتربية السيد محمود نجل السيد احمد ماضي وكان له نعم الأب , فرضي الله تعالي عن الإمام محمد ماضي أبى العزائم وأثابه على قدرة جوده وفضله نظير ما قدمه لأخية الأكبر السيد احمد ماضي ولأفراد أسرته وللمسلمين جميعا من عطاءات علمية ورعاية اجتماعية وصحية طوال الحياة.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى