النشوء الارتقاء

المقالة التاسعة (1)

إنما تنجح المقالة فى المرء إذا باشرت هوي فى الفؤاد قال تعالي” ومن يضل الله فلا هادي له”(2) أى وأبيك لقد تحقق مصداق قولن تعالي ” ومن الناس من يعبد الله على فرق فإن أصابه خير أطمأن به وإن أصابته فتنه انقلب على عقبه فسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين”(3) وذلك يسمع منه إلا أصغر إليه لما فى ذلك من الراحة والأمنية التى تكون على زعيمة طريق خلاصة مما قد سود به صحيفة أعماله قال تعالي” كلا بل ران على قلوبهم”ك (4) قام يتمطى بعض الذين أضلهم الله على علم

بنتيجة أفكاره المظلمة عشرين عام على ما يقال وألقي وريقات تضمنت صفحاتها ما تضحك منه التكلي بل تضمنت ما كان الأجدر به أن يقصه على معبري الرؤيا.

 وعلى ظني أنه مكانوا يقابلونه بقولهم ربما سرك فى عالم ما يسوءك فى غيره فإنها أضغاث أحلام خليتها له مخيلته أو خز عبلات أوحتها  إليه وساوسه من فرا فات الفيشين و ” إنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التى فى الصدور”(1).

  وبالجملة فنقول: قد تظاهر الرجل (2) برأي مادي مخالف لنواميس كاملة مضاد لكل فضيلة مقتضاه لا فاعل سوي المادة بناء على دعامتين مقتضي الأولي إثبات التولد الذاتي، وهو المعني بالنشوء ويراد به نشوء الحياة من المادة بقوة فيها وبار تكاز هذه على قدم العالم ينفي وجود قوة مبدعة أبدعت العالم من لا شئ أو بثت فى الأحياء الحياة.

 فالنشوء عندهم هو تولد الحي من لا حي بفعل القوي الطبيعية، ولهم على ذلك بعض أحاديث أشبه شئ بفكاهات أولي للبطالة سنذكر بعضها إن شاء الله والدعامة الثانية ارتقاء الحي من الدرجة الدنيا إلى أعلي منها وهكذا وبهذا الارتقاء تتكون سلسلة أدناها ( البروتوبلاسما(3))أى الحي الأولي، وأعلاها الإنسان ويلزم من ذلك بطلان الأنواع.

 وهذا الارتقاء أسسوه على بعض مؤثرات طبيعية على زعمهم فرار من الوقوع فى الصدفة أ, فعل الاختيار وهى:

أولا: تنازع البقاء ما بين أفراد الحيوانات.

 ثانيا: تكون التباينات أو تغير الأفراد، يعنون بذلك تغير بعض أفراد الحي المتشابة ومخالفتة صورة لباقي الأفراد المتشابهة.؟

ثالث: انتقال هذه التغيرات فى النسل بالوراثة.

رابعا: انتخاب الطبيعة للمتغير من هذه الأفراد  الذى يكون فيه بعض أفضلية وذلك الانتخاب مبني على تنازع البقاء.

  • سورة الحج: الآية: 46.
  • يقصد بذلك دارون.

         فهذه العوامل على زعمهم كافية لأن تجعل أدني رتبة من الحيوانات فى أوج الكمال ومن هنا يقفون موقف التعجب يعجون بأصوات الحيرة والذهول قائلين أى فرق بين الإنسان وبين غيره من الحيوانات؟ وما هى النفس التى اختص بها؟ وفى أى وقت تقاص عليه هذه النفس فليس أبونا الأول إلا القرد أو أصل أخر تفرع منه جملة فروع منهم الإنسان والقرد، فهما أولاد أب واحد.

         وقد اضطرهم القول بنفي الروح أو النفس إلى أن جعلوا الحياة التى هى عندهم ناشئة من التركيب أو من الحركة، أو هى الحركة ليست شيئا أخر سوي المادة وأعظم برهان لهم على ذلك أن جميع المشرحين لفم يعثروا تحت نصل مشرحتهم بشيء يقال له نفسي ولا روح.

         هذه يا أخي آراء هؤلاء القوم التى قضي عليهم بها نحس طالعهم وفساد رؤيتهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. وأنا بعونه تعالي ساقوص ببيان هذه الهياكل الظلمانية بما يجعلهم أضحوكة بين أولي البصائر مرتبا ما اكتبه على مقدمه وبابين وخاتمه، فأقول وعلى الله أتوكل وإليه ألجا

  • جريدة الآداب القاهرة- العدد 27 الخميس ذى القعدة عام 1304الموافق 14 أغسطس عام 1887 ص101إلى 106.
  • سورة الأعراق من الآية: 186.
  • سورة الحج، الآية: 11
  • سورة المطففين، من الآية 14.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى