( سائحة ) في مصر والمصريين

العدد 15 يوم الأحد 29 ربيع الثاني سنة 1307 هـ الموافق 22 ديسمبر سنة 1889 م

يا من تلون في الطباع اما ترى ورق الغصون ذا تلون يسقط

دعي عنك يا مصر تلون من قال وبلوغ في المقال فأنت أنت البلد الأمين ميمونة المكان والمكين الطيبة الغرس العذبة الماء الصافية السماء الكثيرة الخصب والنماء فأنت المكان الطاهر مكينة الحصين عرينه وان تناوبتك الحوادث في السنين الخوالي ومست الكوارث هضباتك العوالي وخامرتك طوارئ الزمان وجرت عليك ذيولها عوامل الحدثان وكنت مظهر العجائب والعبر وألمت بأهليك الغير فلا كانت تلك الأيام ولاحرك ساكنها رائم أو رام

كنت يا مصر كذاك ولكن أصبحت في غبطة وتناسيت هفوات تلك الحوادث سقطة وغلطة وصرت في حمي أمير حام ومليك سام وحكومة أقامت وزن الأحكام وقومت أود الحكام واستلم زمامك مولي لولاك النعم بعد بؤس النقم فكنت خير مكان ضم حير مكين

يا مصر لن تراعي ولو أرجف المرجفون ولو جف الواجفون وجفا الجافون وكتب المنحرفون فأنت في مأمن من العوادي لم تنشق فيك الأحزاب ولم تؤلف فيك الجمعيات ولم تعبث بقلبك الغايات ولم تمل عنك الحكومة ولم ينزل طرفة عين عنك أميرك أو وزيرك فلن تراعي ولو أرجف الراجفون

يا مصر كنت مثقلة الظهر وكان خصمك المهر وكنت على شفا جرف هار ماليتك مختلة وميزانيتك معتلة وأرباب الديون تحاول أخذك منا وتسومك وهنا لا تتخيل فيك قدرة الوفاء ولا تضعك إلا في مركز العفاء ومن يدعون الخدمة يصادقون ومن يزعمون المدافعة ينفقون فاظهروا صورتك أمام العالم شوهاء ورموا اهلك في معاريض ما سطروه بمذام البلهاء فكنت ابعد السفر عن الوصول واقرب الصيد لي الحصول فادركك التوفيق فاطمأنيت بالاً وسكنت بلبالا ونعمت حالاً وحسنت مآلاً واسعفت بهمة الشهم الخطير الوزير الناهج منهج الموفق فتسئمت غارب الاعتدال ورقيت ذروة الكمال وحزن الثقة المالية وهي رأس مال النجاح وأسس قواعد الفلاح واقر المداينون بأنك قادرة على الأداء وجديرة بان تحفظ لك ذمة الوفاء واطمأنت قلوب الرقباء وقرت عيون الاوداء وصافحت راحة الراحة والارتقاء فلن تراعي ولو أرجف الراجفون

يا مصر وياليها المصريون كنتم مرمي سهام الملام من الأجانب حينما كنتم تؤدون الرسوم والعوائد ثمن مقامكم في البلاد وأجرة حياتكم بين العباد لا يرفع المظلوم منكم إلى الظالم شكواه ولا يصل إلى حجاب الحاكم صدى صوت الداعي منكم أو نداه تسخرون كالبهائم في ارسنة الذل والاحجاف أن الله لم يخلقكم إلا في واد نبذته الإنسانية وطرحته أكتف الرحمة والشفقة يهدر منكم الدم ولا قود وتسلب منكم الأموال ولا عضد يأخذ باليد لا تراعي لكم حرمة ولا تحفظ لكم ذمة ولا يعدل بينكم في الأحكام ولا تستطيعون معارضة الحكام ولو أذاقوكم الآلام فلحظتكم عين العناية الصمدانية وانتشلتكم يد الإنصاف من تلك الوهدة وهدة الذل والانحطاط يهذه الحكومة العاملة على تقدمكم وسعادتكم وجعلكم في مصاف الأمم أقوياء تبارون القوى وأغنياء تشاكلون الغنى فعدلت فيما بينكم في الاحكام ورفعت عنكم مظالم تلك الأيام وجعلت لكم قوانين تسوى بين الكبير والصغير والغني والفقير ورفعت عنكم ثقل تلك الأحمال وكشفت عنكم حجب الالباس فعرفتم أنكم خير امة أخرجت للناس وان وسوس الوسواس وقال الخناس وتلون في المقال يريد بكم الوء ويجربكم إلى غرة الطبش

يمسي ويصبح في عشواه يخبطها   اعمي البصيرة والآمال تخدعه

فلمحاته عن حول لا يصدق النظر ونصائحه عن دخل يستجلب الضرر ونصائحه الظاهرة طيها السم في الدسم ولاعقاته الادعائية مخفورة الذمم فلا علاقة ولا جامعة ودعاوه أن ( كون الشرقي تحت حماية دولة أجنبية لا يخرجه عن حكم التابعية ) من باب الهراء فلا يقبله العقلاء إلا إذا وارب الكاتب يراعه ومد المخادع باعه بل لا يتخيل إلا إذا استوي الليل والنهار والعالم والجاهل والأعمى والبصير والبس الحق بالزر وإذا أغشى الضوء غاشية الظلام وصدقت دعوى الوطنية للأهرام اذاً فعلى الدنيا السلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى