آثار وتراث الشيخ احمد ماضي ابو العزايم

أثاره:

   ترك لنا السيد أحمد ماضي أبو العزائم أثارا علمية وأدبية تتسم بالندرة والجزالة والأفكار المستحدثة التى ترتبط بواقع المجتمع الإسلامي بصفة خاصة، والمجتمع الإنساني بصفة عامة كما امتدت إلى خلجات النفس البشرية وعالجت معظم أمراضها وقومت أنماط سلوكها وتوجهاتها ولعل هذه الأفكار العلاجية التى قدمها السيد احمد ماضي لأمراض النفوس والعقول البشرية واضحة وجلية فى مقالاته الصحفية أكثر من الكتب العلمية أو الدواوين الأدبية، وذلك تلبية لمقتضيات الحياة الثقافية التى كان يحياها فى رحاب صاحبة الجلالة والتى سيطرت على جل أقواته، واستغرقت كل طاقاته حتى أثرت على صحته فى آخر أيامه وكانت من أهم الأسباب التى جليت عليه الإلتهاب الرئوي الذى توفي على أثره بعد أن ضرب أروع المثل فى الجهاد بالقلم وقول الحق ودحص الباطل والذود عن الديار الإسلامية بالنفس والمال.

وقد حفظ لنا السيد محمود احمد ماضي أبو العزائم من تراث والده ما يلي:

  • كتاب وسائل أظهار الحق.
  • ديوان شعر
  • مقالات صحفية.

وفى هذا يقول ” إني بفطرتي حريص على حفظ الآُثار العلمية والفوائد الأدبية التى أنعم الله بها على سيدي ومرشدي السيد محمد ماضي أبو العزائم ووالدى السيد أحمد ماضي أبو العزائم وكان من أثر والدى السيد احمد ماضي أسكنه الله تعالي الفردوس الأعلي هذه الرسالة المسماة بوسائل إظهار الحق وديوان شعر وبعض سوغ أدبية، ولا أزال حريصا على تلك الآثار خصوصا وأنها ليست أثارا خاصة ولا منافع ذاتية ولكنها نفع عام وخير شامل لجمعي الناس، (1) وقد نشرت هذه الآثار وفيما يلي عرض مجمل لمضمون كل منها.

أولا: كتاب وسائل إظهار الحق:

       ذكر السيد احمد ماضي أبو العزائم مغزاه وأعرب عن صدقه من تأليف هذا الكتاب حيث يقول ” كنت أكره الجدل ولكني أحببت ان أكتب هذه الرسالة وأسميها ( وسائل إظهار الحق) تتمة لكتاب صديقي الشيخ رحمة الله الهندي ولكن القلم كان ينزع كثيرا إلى الأمور الاجتماعية كما هى عادة رجال السياسة والصناعة طبع خامس ولم أرد بكتابتها إلا بيان الحقيقة لدعاة النصرانية وتنبيه إخواني

 

  • أنظر: السيد احمد ماضي أبو العزائم : وسائل إظهار الحق مقدمة السيد محمود أحمد ماضي أبو العزائم، ص 2.

 

المسلمين لأغراضهم الباعثة على ذلك. والله تعالي أسال أن ينفع بها ويحفظ دعاة النصرانية من التعصب إلى غير الحق عند مطالعتها  و على إخواني المسلمين بالسكينة والاعتصام بالكتاب والسنة (1) ومن حديث السيد احمد ماضي يتبين لنا أن الكتاب يشتمل على قضيا تعالج مشكلات المجتمع الإسلامي من جانب، وقضايا أخري تفند أراء المتطرفين والمتعصبين من دعاة النصرانية.

ومن القضايا التى تعالج مشكلات المجتمع الإسلامي حياة المسلم المنزلية وبيان الواجب على المسلم لأفراد عائلته (2) وسقطة الفرد فى المجتمع المدني وأثرها على المجتمع (3) وكيف وبم ومتي يعود هذا المجتمع كما كان (4).

وقد جسد السيد أحمد هذه المشكلات عندما كشف عن أثرها على تقدم المجتمع الإسلامي ثم نجح فى تقديم العلاج الناجع لهذه المشكلات ويهدي فى الوقت نفسه إلى الأسباب الحضارية التي تعيد المجد الإسلامي السابق أما القضايا الأخرى التى تفند أراء المتعصبين من دعاة النصرانية فمنها: مكائد أحبار اليهود ضد المسيح (5) وبطلان القول بصلب المسيح (6) وبيان أن المسيح لم يأت بدين جديد غير دين موسي سمان بالنصرانية (7) وغيرها من القضايا التى توفق بين الناس جميعا عن طريق دين الإسلام.

 

ثانيا- ديوان الشعر:

       سبقت الإشارة إلى أن السيد أحمد ماضي كان يقرض الشعر، كما كان له ديوان (8) من الشعر يعبر عن تمكنه من اللغة العربية ومفرداتها ومعانيها المستغربة، كما يظهر تمتعه بموهبة نظم الشعر التى تؤكد إرهاق الحسن وصدق المشاعر وغزارتها عند الشيخ أحمد ماضي.

 

 

 

(1)     السيد احمد ماضي أبو العزائم: وسائل إظهار الحق، ص 3.

(2)      أنظر : السبق : ص14-15.

(3)      السابق : ص 18-19.

(4)      السابق: ص 20-41.

(5)      السابق: ص 47-50.

(6)      السابق: ص 50-56.

(7)      السابق : 63-64.

(8)      أنظر: أحمد ماضي أبو العزائم : وسائل إظهار الحق، ص 3.

 

بل بعض القصائد التى اطلعت عليها عن عمق المعاني والأفكار التى تحملها هذه القصائد وتشير إليها تلك الأبيات، كما تبرهن فى نفس الوقت على قدرة السيد احمد ماضي فى الولوج إلى خفايا النفس والتسلل إلى خلجاتها والإفصاح عما بها من الألم وأمراض تحتاج إلى طبيب حاذق يخلصها من هذه الأمراض.

ومثال ذلك قوله:

عللاني أو فاتر كأني وشانئ  ودعاني اجب لمن قد دعاني

أنا أدري بحالتي يا خليلي             فما ننفع المني والأماني

فلتما تنجلي الغيوم قريبا              وصدقتكم لكن بأي زمان

رحم الله مهجتي قد براها             طول هذا السري وبعد المكان (1)

فهذه الأبيات تظهر ما يعتلج الشاعر من هموم وآلام يريد منها إلى صاحبيه كما تكشف عن معاناته من قضايا أمته التى طال سجنها تحت وفاة الاستعمار الأجنبي الذى شتت جمع الأمة وفرص وحدتها فتراه بيوم فى موضع أخر من القصيدة عن هذه الألأم فيقول:

أنا طول الزمان أطعن ولكن      لست أدمي بالطعن إلى بناني

من رأني فقد رأني ولكن           لم يضعني فى كفة الميزان

ليس به حاجة وأنت خبير        لطلان فى الدهر أوعلان (2)

وهكذا تشير هذه الأبيان إلى معاناه الشاعر لما تمر به الأمة الإسلامية وما يقع بينها من معارك وخلافات تدمي الجسد الإسلامي.

 

ثالثا- مقالاته الصحفية:

       يمكن القول بأن تراث السيد احمد ماضي العلمي والأدبي يكمن فى المقالات التى نشرها فى مجلتي الآداب المصرية سنة 1887م والمؤيد المصرية من سنة 1889حتى سنة 1891م.

وقد جمعت هذه المقالات بين الإسهامات العلمية والأدبية وكذلك الدينية والسياسية التى حفظ بها السيد احمد ماضي مكانته فى الصحافة المصرية والعربية واستحق بمقتضاها أن يكون شيخا للصحافة الإسلامية والعربية (3). جسيما يذهب إلى ذلك احد الباحثين.

 

  • جزء من قصيدة للسيد احمد ماضي نشرت بجريدة الأدب المصرية – العدد 43 سنة 1304 هـ- ص63.
  • السابق: ص64.
  • انظر: عبد المنعم محمد شقرق:الإمام محمد ماضي أبو العزائم، ص 17، 26.

 

فمن يطالع هذه المقالات يجد زاداً أثقافيا ومنهجاً تربوياً ينافس القضايا الدينية والسياسية والاجتماعية التى كانت تعيشها الأمة الإسلامية والعربية آنذاك (1).

كما يلاحظ من يتتبع هذه الكتابات مدي الجهد أذى بذلة السيد احمد ماضي فى خدمة أمته الإسلامية والعربية.

ويكفي أن نشير فى هذا المقام إلى أن إسهامات السيد احمد ماضي فى مجال الصحافة العربية والإسلامية فى حاجة إلى باحثين يتمتعوا بهمة عالية وأدوات بحثية موفورة تستطيع أن تكشف النقاب عن حقيقة هذه الإسهامات، وتبرز الدور الذى قام به هذا الشيخ فى تأسيس صرح الصحافة المصرية والعربية والإسلامية.

ولعل من أهم ثمرات هذه الدراسة أنها وفرت للباحثين مجموعة المقالات التى نشرت للشيخ احمد ماضي فى جريدة الآداب وكذلك ابرز وأهم الكتابات التى نشرت له فى جريدة المؤيد تم تركت الحكم للباحثين فى التعرف على الأبعاد الثقافية والعلمية لتشخيص هذا الشيخ الجليل بالإضافة إلى تحديد مكانته فى الصحافة المصرية والعربية بالإضافة إلى دورة الوطني .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى