جوانب من حياة الشيخ احمد ماضي ابو العزايم

اتسمت حياة السيد احمد ماضي أبى العزائم بتنوع الزاد الثقافي وتعدد الاتجاهات العلمية والدينية والسياسية والاجتماعية وقد كان لهذا التنوع توابعه وأسبابه، كما كان له دوافعه ومبرراته ولعل من أبرز هذه الدوافع وأهم هذه المبررات، الاسرة الشريفة التى نشا فيها السيد احمد ماضي والمكانة العلمية والدينية التى عليها رب هذه الأسرة ( السيد عبد الله المحجوب).

فكان السيد عبد الله المحجوب حريصاً على توريت أبناءه مبادئ العلوم وأصولها منذ نعومة أظفارهم. وقد تجسد هذا الحرص فى تكليف بعض الشيوخ والعلماء التدريس للأبناء وإكسابهم مبادئ العلوم الدينية والعربية وكذلك العلوم العلمية والثقافية، بالإضافة إلى علمه الديني والمكانة العلمية والاجتماعية التى عرفها لأولاده وغزاهم بها وشدد على توريثهم إياها، عن طريق التدريس أو التلقين أو من خلال الكنز الثقافي الكبير الذى تتمثل فى مكتبة زاخرة بالكتب الدينية والعلمية و الثقافية التى جمعها السيد عبد الله المحجوب عبر الأيام والسنين وأعربت عن سعة علمه وتنوع ثقافته وفكرة الديني العميق الذى ربي عليه أبناءه.

وفى ذلك يقول الشيخ احمد ماضي ” إني منذ كنت طالباً بالأزهر الشريف كنت شديد الرغبة فى تحصيل العلوم التى لم تدرس بالأزهر الشريف. وذلك لأن والدي غفر الله له كان عالما بالطب القديم وبعلوم الفلك وما يتعلق بذلك من العلوم التى كان يعتني بها العلماء فى كل زمان(1).

فنشأ عن تنوع الزاد الثقافي الذى كان علية السيد عبد الله المحجوب وكذلك المكانة الدينية و العلمية والرفيعة التى حظي بها فى محافظته ومسقط رأسه و نشأ عنه شوق من الأبناء لتحصيل العلوم وحب الإطلاع والإقتداء بوالدهم فى قراءة الكتب وحب التعليم والرغبة الحميمة فى معرفة شتي أنواع العلم وضروب المعرفة الطبية والدينية والفلكية ……الخ.

ويشير السيد احمد ماضي إلي ذلك ويقول: فنشأت أنا وشقيقي السيد محمد ماضي أبو العزائم نشتاق إلى تحصيل تلك العلوم حتى كنت وأنا بالأزهر الشريف اصرف وقت الفراغ فى صحبة تلك العلوم. ودعاني هذا الشوق إلى تعليم لغات أجنبية حتى أشغلت بالسياسة وأسست أنا وصديقي الشيخ على يوسف جريدة المؤيد وتحملت أهم أعمالها، فكنت مديراً ومحرراً لها فى زمن كان الوطن العزيز فى حاجة شديدة إلى تنبيه الأفكار ويقظتها (2). فانظر رحمك الله إلى أثار السيد عبد الله المحجوب فى أبنائه وبصمات قدوته الحسنة على حسانهم وعطائهم بل على مسيرتهم ونجاحهم فى الحياة ولعل من أهم الدوافع التى أثرت فى شخصية السيد احمد ماضي بهذا التنوع الثقافي تعدد العلوم التى

 

 

  • احمد ماضي أبو العزائم: وسائل إظهار الحق ، ص3.
  • السيد احمد ماضي أبو العزائم: وسائل إظهار الحق . ص 3

 

حصلها هو وإخوته فى مرحلة النشأة وأيام الصبا وفى ذلك يقول الإمام محمد ماضي أبو العزائم ” وكنت مع شقيقي المرحوم السيد احمد ماضي أبو العزائم المشهور ببلاد مصر بعلوم الدين وبخدمة الوطن وهو الذى أسس جريدة المؤيد خدمة لجماعة المسلمين ولي أخت لنا تحفظ القرآن جميعا.

ولما أحضر لنا الوالد عالماً من الأزهر الشريف يسمي الشيخ عبد الرحمن عبد الغفار وكلفه أن يحفظنا متون العلوم، ومتن الموطأ فحفظنا من الفقه متن أقرب المسالك لمذهب مالك بن أنس وقسم العبادات من الموطأ له ومن التوحيد متن السنوية ومن النحو الأجرومية والألفية ومن الحديث مختصر الإمام النجاري للزبيدي ثم كلفه أن يعلمنا النمو وكان الوالد فى كل ليلة نقرا عليه أبو من إحياء علوم الدين للغزالي(1) ويبين من النص مدي حرص السيد عبد الله المحجوب على تعليم أبنائه أنواع المعارف ومتون العلوم المختلفة على يد كبار الشيوخ والعلماء.

كما يكشف هذا النص عن عناية السيد عبد الله المحجوب بأولاده عندما كان يعلمهم بنفسه ويتابعهم بشخصه فى أهم جوانب العلم وهو الجانب الديني. ومما تجدر الإشارة إليه أن المكتبة (2) الجامعة التى تربي الشيخ احمد ماضي فى رحابها و كتبها كانت من ضمن أسباب تعدد ثقافته وتنوع كتاباته.

إن حرص السيد عبد الله المحجوب على طلب العمل ومكانته عنده كان من وراء تكوين مكتبة علمية نفيسة، نضرت بأنواع العلوم وشتي ألوان المعارف فقد كان له رحمة الله مكتبة جمعت العديد من الكتب فى علوم الدين والفلك والطب والتاريخ والأدب يندر أن يوجد مثلها فى هذه الأيام فى حوزة رجل بالريف لذا كانت داره أشبه بمنتدى أدبي ومجمع علمي يجتمع إليه فيها فقهاء البلدة وعلماؤها بعد صلاة العشاء ليتدارسوا ويتذاكروا ويعترفوا من منهل هذا الشيخ الروي من شتي أنواع العلوم(3).

وهكذا كان المناخ الذى نشأ فيه السيد احمد ماضي أبو العزائم مفعماً بالتنوع تميزت كذلك بالمكانة العلمية والتنوع الثقافي والتى تمثلت فى المكانة العلمية والدينية والاجتماعية التى كان عليها الشيخ عبد الله المحجوب المكتبة النفيسة التى زخرت بشتى أنواع العلوم وكذا البلدة القديمة ( محلة أبو علي) التى كانت تتمتع بالمراكز العلمية والدينية والتجارية أيضا، ومن ثم كانت مرسي للسفن وكعبة لطلاب العلم والدين(4).

 

 

  • الإمام محمد ماضي أبو العزائم: أصول الوصول، ص3.
  • انظر: السابق : ص4.
  • السيد محمود احمد ماضي أبو لعزائم: الإمام محمد ماضي أبو العزائم- صفحات من حياته، ج 1 ص 6.
  • أنظر: عبد المنعم شقرق: الإمام محمد ماضي أبو العزائم، ص 17 ، 18.

 

ولذا اشتهر السيد احمد ماضي بثقافة وموسوعية شاملة ظهرت فى كتاباته ومقالاته بالصحف والمجلات، كما تجلت فى خطاباته الجمة فى الجمعيات والمنتديات ومن ثم نعته جريدة أخبار الآداب المصرية فى إحدى ذكراه مبينه أن الفقيد المشار إليه الشيخ احمد ماضي أبو العزائم كان عالماً فاضلا كثير الإطلاع طويل الباع، ليس فقط فى العلوم العربية بل فى غيرها من الطبيعيات والرياضيات، ولطالما قام بالمباحث المهمة والقي الخطابات الجمعة فى جمعية الإعتدال التى لم يسبق لها فى الديار المصرية مثال(1).

ويصف السيد محمود أحمد أبو العزائم  نبوغه وتعدد ثقافته حيث يقول ” إن نبوغة وعبقريته لا تقف عند حد فما شئت أن تراه عالما ًلا يشق له غبار فى علوم الشريعة إلا وجدته عالماً بأمورها وما شئت أن تراه أديبا يقرض ومن ثم يمكن القول بأن الجوانب الثقافية التى تميزت بها شخصية السيد احمد ماضي أبو العزائم تتمثل فى الأتي:

1)      الجانب الديني.

2)      الجانب العلمي.

3)      الجانب السياسي.

4)      الجانب الاجتماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى