استبدال العونة

استبدال العونة

العدد 7 السنة الأولى بتاريخ 12 ديسمبر 1889م الموافق 19 ربيع الثاني سنة 1307 هـ

أسلفنا أن من نية الحكومة السنية أبطال بعض العونة واستبدالها بضريبة قليلة تجعل على الفدان وقد ساعد على ذلك ما كان من الزيادة في ميزانية الحكومة السنية الجديدة والبحث الآن جار في تقدير تلك الزيادة التي ستلحق الفدان وهل هي عامة لجميع الأراضي المصرية التي توزع أو خاصة على الجيد أو توزع على النسبة بين الجيد والرديء والمتوسط كل بقدر ما يناسبه

وقد نال هذا المشروع زيادة ترو ودقة نظر من رجال المالية التي دأبهم دائماً النظر إلى الفلاح بعين الشفقة والمرحمة قبل أن يلقى بين يدي الجمعية العمومية حتى يتبين ما له وما عليه ثم على أعضاء الجمعية أن يقلبوه بطناً وظهراً حتى لا يعقدوا بأيديهم ما تحله الظروف ومعلوم ان الأطيان في القطر المصري قسمان خراجية وعشورية فالخراجية بعضها مثقل بالأموال ليس في طاقته أن يحمل ما قل أو جل وبعضه  يمكن أن يزاد عليه لجودته أو قلة ضريبته الأصلية وهذا القسم من الأراضي نصيب الفلاح الشديد الحاجة إلى الشفقة والرحمة والبعض الآخر عشوري وهما كانت ضريبته فإنه اخف عائقاً من الخراجي وان كنا لا ننكر أن من بينه مالا يمكن أن يتحمل شيئاً غير انه ….. بالنسبة إلى مجموعه وهذا القسم هو …………… الكبيرة والذوات ذوي اليسار ……… الفلاح وكلا هذين يستغل وينتفع به والأعمال التي من اجلها كان يضرب الفلاح في الزمن السابق او يسخر هي للأراضي كلها لا فرق بين عشوري وخراجي وقد مضت أزمنة والفلاح رب الأرض الخراجية هو المصاب والمختص بالسخرة وتبادل الزيارات ولم يعرف أن ذاته في عداد الإنسانية وله حقوق وواجبات إلا في هذا العصر عصر العدالة والتوفيق وعصر الوزارة الرياضية

ولسنا نقول انه يطالب الآن بالمقاصة فيخصم ما مضى فيما يأتي لان الحوادث لا تسترد بحكم الطبيعة ولا يؤاخذ زمن بجريمة زمن آخر بل تقول الآن انه ليس من الإنصاف أن لا يساوى بين ارض وأخرى متعادلة النتيجة في الضرائب والمزيدات أيضا حيث أن البحث في موضوع الضرائب الأصلية وتعديلها بمقتضى الواجب غير ممكن الآن وليس الغرض الدخول فيه لعدم الاستعداد والتهيؤ له فلا ينبغي أن تترك المزيدات من غير نظر إلى ما تتحمله الأطيان ابدياً فإذا جال النظر من هذا الباب تعادلت الأصول والنتائج , وايضاً ماذا يكون الحال بين أطيان حكم عليها من قبل بالجودة أو الرداءة وأتت عليها طوارئ نيلية قلبت أحوالها وغيرت صفاتها فالجيد صار رديئاً والرديء صار جيداً والأول فادح الضريبة ثقيل العبء والثاني خفيف الحاذ قليل الكلفة أينظر بين هذين بحكم الأصل في هذا المزيد ويزاد عليه شيء يخني على صاحبه والثاني يميز بالتخفيف فيكون صاحب الحظ في كل الأزمان

لاشك أن رجال الحكومة العاملين إلي ترقية الهيئة الحاضرة ينظرون في الأمر ويعادلون بين الحظين ,ثم ما هي نتيجة التجربة التي كانت أجرتها الكومة السنية في إجراء هذا الاستبدال من الشخص إلى الأرض هل كانت حسنة الغاية كما ترى في المبدأ أم كان الأمر بالعكس لا شك أنها كانت حسنة وان قضت لبعض الفلتاء والمتشردين ومن لا زمام لهم ولا دار ولا عقار بإطلاق السراح والسير على هوى النفس ومهما كان الأمر فليس من العدل أن تسخر نفوس ليس لها في الأرض حبة أو قيراط وإيقافهم عند حدودهم لا يكون فقط بتكليفهم في مثل هذه الأعمال بل على الحكومة أن ترى رأيها فيهم من جهة أخرى لتوطيد الأمن ولنرجع إلى موضوع المقاولات فاها روح هذا المشروع و بها كان التوصل إلى التكلم في أبطال السخرة أولا وثانياً وهي عليها مدار أعمال الجسور والقناطر وحفر الترع بل عليها حياة الأرض والزراعة ونمائها فنقول أن دولتلو ناظر المالية من يوم عاد إلى الوزارة وهو ساهر جهده على مصلحة الفلاح الذي هو روح مصر والمصريين وموجه جليل عنايته إلى تمكن الوطني من الأعمال التي تعود بالمنفعة والثروة عليه ومن ضمن ذلك المقاولات التي كان يختص بها الأجنبي وكان موضع الثقة فيها , فجعل له محلاً منها وأشركه مع غيره وساعده على نوال مطالبه فكان من البلاد كثير من المهندسين وبعض الأغنياء يشتغلن بالمقاولات ويقدمون عليها ودولته بهمته يحثهم وينش همتهم ويبين الأحقية والأولية شأن الرجل الذي لا يخشى في سبيل منفعة بلاده لومة لائم وقد تبين بالتجارب أن الوطني تعهد إلى ذمته الأعمال الجليلة وتسند إلى همته مصاعب الأمور وان لم يكن من قبل محلاً لهذه المظنة وجناب السير أيد لنا بمبادئه الحرة انه ميال لمساعدة الوطنيين حيث انه أبان كثيراً ما لهم من الاجتهاد والأمانة في تأدية الأعمال وشهد لهم بانجاز الأعمال والمسارعة إلى تأديتها ولكن توجد بعض الموانع في طريق تقدم الوطنيين وأعظمها تقدير الأعمال كثرة وقلة فإذا شرع في حفر ترعة مثلاً أو إقامة جسر وجب تجزئتها أجزاء صغيرة بحيث تضرب حدود في المقاولات عن مقادير محصورة لا يتعداها المقاول وبهذه الطريقة تتجزأ الأعمال أجزاء كثيرة ويتمكن الوطني من الاقدام كل بحسب ما يرى في نفسه وألا لستنى لزيدان يقاول على مئات الملايين من الأمتار ورآه غيره على ذلك أحجم عن المقاولة وكبر عليه الأمر فينجم عن ذلك ضرران الأول حرمان ذاك الشخص الذي يمكنه أن يقوم بجزء من تلك المقاولة , والثاني تأخير العمل ضرورة لمعظم ما يقوم به فإذا حان الوقت وجاء نذير النيل اضطرت الحكومة ان تستعمل العونة التي تبرأت منها وتكبدت لأجلها النفقات الكثيرة وهو مما لا ينبغي فتسلقت أنظار حضرة وكيل نظرة الأشغال إلى هذا الاقتراح فإن رآه محلاً للقبول عمل به وأيده وتلك هس آراء الرأي العام نبديها وليست تعدم التفاتاً من ذوي الشأن والأمر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى