الاسعاف النفسى

الاسعاف النفسى

العالج المزمن

للدكتور:جمال ماضى ابو العزايم

دق التليفون وكان المتحدث فى حاله من القلق البالغ ويطلب النجدة لانه كان يخشى على حياته من اعتداء مريض من الاسرة فى حاله هياج شديد وقد اعتدى على بنت اخته وأغلق اهل المنزل على الابواب خشيه منه، وطلب المتحدث أن أسرع الى نجدته، وعرفنى ان المريض كان قج انطوى على نفسه فترة طويله فى حجرته وفجاة اعترته هذة الثورة المفاجئه وطلب اهله الاسراع فى اسعافه وعرفونى عندما اجتمعت معهم ان يحمل سلاحا ناريا.

ودق التليفون مرات ومرات عديدة يطلب الاسعاف ويطلب النجدة …

واللان لم ينظر مثل هذا الاسعاف فى الجمهوريه، حتى طالعتنا صحيفه الاهرام بأهتمام وزارة الصحه بالموضوع وتحدث السيد الدكتور احمد وجدى عن الاسعاف النفسى وضرورة البدء فى تنفيذة ، والدكتور احمد وجدى بخبرته الطويله، وقد مضى فترة طويله من حياته يعمل فى محيط الصحه النفسيه ، جدير على ان يتم على يديه وضع النظام الازم الاسعاف النفسى وتنفيذة.

وقد كان هذا الموضوع مثار البحث والاهتمام فى عديد من البلاد وتحت زيارتى لهولاندا 1954 كان ينفذ احداث نظام اسعافى للحالات النفسيه وعلاج المرضى بالمنازل ، وكانت الحرب العالميه الثانيه قد أتت على مستشفيات هولاندا عند غزوها من ألالمان وعند اجتياحها عند التقهقر ثانيا من الحلفاء . وتركت هولاندا فى حاله ماسه للمزيد من عمليه بناء المستشفيات وألنت الحرب على الاسعاف ولما كانت عمليه ادخلا مريض الى المستشفى تكلف الدوله الكثير من بناء المستشفيات والصرف على أرادتها وتزويدها بالخبراء والعاملين والادويه وغير ذلك ويمثل هذا عبء كبير على الدوله اقتراح على المسؤليين احد كبار الاحصائيين فى الصحه النفسيه الاجتماعيه وهو الاستاذ الدكتور quierido وأنه على استعداد لتطبيق نظام العلاج النفسى والعلاجى المنزلى فى مدينه امسترداد وقدم النظام الذى يرى تنفيذة.

وكان هذا النظام يقسم مدينه امستردام الى اربعه اقسام لكل قسم من المدينه مكان خاص يديرة أحد الاطباء النفسانيين ويعمل معه اخصائى نفسى واخصائى اجتماعى وعدد من الممرضات ومزودا بعربه كعربه بوليس النجدة . وعندما يتلقى هذا المركز اى أشارة من البوليس أو المنزل أو اى مؤسسه تابعه للمنطقه يقوم فريق العلاج على الفور فى العربه الخاصه الى التوجه فورا الى مكان المريض حيثما كان.. ويقوم المريض بالكشف على المريض ، والاخصائى الاجتماعى بفحص الحاله الاجتماعيه ، ويتعاون فريق العلاج معهما، وبعد عمليه الفحص يتناقشون فى خطه العلاج وتنفيذها فى المنزل ويتابعون تنفيذ العلاج يوما بعد يوما .

ويعقد الاطباء المشرفون على هذة العمليه اجتماعى يومى فى الصباح يناقشون فى العلاج التى اسعفوها والطرق التى اتبعوها ويطورون اعمالهم يوما بعد يوم بما اكتسبوة من مهارات وما ذللوا من عقبات وكيف استعانوا بالمؤسسات المختلفه فى الحى.

وقد حضرت اجتماعات هؤلاء الاطباء فى امستردام عام 1954 ووجدت التعاون التام بينهم واستفادتهم من خبرات بعضهم الاخر وتصميمهم على الانتصار على المرض العقلى وعلاج المرضى ما أمكن فى منازلهم حتى يوفروا للدوله المصاريف الباهظه لادارة المستشفيات وادارتها وحتى يقوم بتقصى الاسباب الاجتماعيه التى تؤدى الامراض العقليه ويعملوا على علاجها . وعلى مثال هذة الحالات التى عرضت ، أعرضن حالتين نجد من فحصهما قدر اهميه الاسعاف المنزلى .

فى ذات يوم طلبت واحدة من وحدات الاسعاف النفسى لاسعاف حاله فى ناد لفتاة اصيبت فجأة  بأضطراب نفسى حاد . وانتقلت الوحدة الى النادى وكانت ملكه هولاندا تفتح البرلمان فى ذلك اليوم وعندما وصلت وحدة العلاج الى المكان كان العديد من الهولاندين يلاتفون حول المريضه وتقدم الطبيب لفحص المريضه وتقدم الاخصائى النفسى الى الجماهير وتحدث نفسه عن الصحه النفسيه وعن ألاثر السئ الذى يحدثه تجمع الناس حول المريض وان مثل هذا المجتمع قد يسئ للمريض ويزيد من حدة مرضه.

وابتعد الجمهور عن المريضه التى كانت تشكو من فقدان القدره على تحريك يدها اليسرى وقدمها اليسرى وحملها الممرضات الى حجرة مجاورة وكانت تبلغ من العمر العشرون عام وقام الطبيب بفحص حالتها وتبين له انها تعانى من شلل هسترى بالناحيه اليسرى من الجسم .

وكان معها الشباب يبلغ السابعه والعشرون وجلس معه الاخصائى الاجتماعى وتبين انه خطيبها . وقامت الوحدة ومعها الفتاة والفتى الى منزل الفتاة وتبينوا ان والد الفتاة بالمنزل ويعانى من شلل نصفى بالناحيه اليسبى من الجسم وانه متعطل عن العمل منذ سنوات وان الفتاة تعمل للنفسه على والدها المريض وتقوم بتمريضه وان والدها متوافاه منذ سنوات . وانه عندما تقدم خطيبها لخطبتها كانت فى صراع نفسى وهى ننظر الى مستقبل ايامها. كيف تترك والدها واين تتركه ومن الذى يشرف عليها طبيا وكانت حالتها النفسى الى المرض الهيستيرى بعد الماليه مضطربه.

واكتشف فريق العلاج ان سبب اصابتها بالشلل النصفى الايسر لوالدها انما هو الهروب من الصراع النفسى الى المرض الهستيرى بعد انكانت فى حيرة من امر والدها وأمر خطيبها . وخرجت مع صاحبها ليشاهدا استعراض الملكه عند افتتاح البرلمان وكانت تحتدم فى نفسها تأنيب المريض وحب الانطلاق مع خطيبها وعاقبها الالضمير بالشلل الهيستيرى ومن تحليل هذة الحاله تنينت للوحدة امور مختلفه .

  • ضرورة علاج الاب فى مصحه خاصه.
  • ضرورة علاج الفتاه وعلاجها من مرضها النفسى
  • ضرورة علاج الاوضاع الاقتصاديه حتى تقبل الفتاة على الزواج مطمئنه البال .

 

وقد قام طبيب الوحدة بالاتصال فورا بأحد المصحات التى قبلت علاج الاب على نفقه الحكومه . واتصل بوزارة الشئون الاجتماعيه وشرح حاله المريضه وضرورة صر ف معونه ماليه تساعاها على اتمام عمليه الزواج ووفق فى ذلك وشرح للمريضه اسباب مرضها وما قام من عمل لمساعدتها وتحسنت حاله المريضه وفىالاجتماع الصباحى ،تحدث الطبيب عن هذ ةالحاله ونجاحه فى علاجها وان قامت به وزارة الشئون من صرف مساعدة ماليه للمريضه لا يساوى نسبه بسيطه من التكاليف التى كانت الدوله سوف تنفقها على علاج هذة الحاله اذا ازداد حدتها وادخلت احدى المستشفيات وازمت حالتها . وبذلك يقتلع برعم المرضى النفسى قبل ان يكبر ويستقل على سوقه وتوفر الوله الكثير من الانفاق وتكسب عضوا عاملا قويا متحررا من المرض النفسى .

وتحدث طبيا اخر شارحا ما لقيه عندما استعدى لنجدة اسرة ثار أحد أبناؤها وحطم ما بالمنزل . وذهبت الوحدة على عجل ووجدت مئات من الجماهير يحيطون بالمنزل والعديد من الاسر تطل من الشرفات الى المنزل الذى اخذ المريض يحطم ما يقع تحت يدة…. وصعدت الوحدة الى المنزل وتخلف الاخصائى النفسى الذى اخذ يشرح للجماهير الضرر الذى يصيب المريض من جرا اهتمام الناس به لحد انهم يتجمهرون لرؤيه ما يصرف منه وكيف ان الصحه النفسيه فى حاله الى سياسه اخرى تهتم بمعرفه سبب الاضطراب عند كافه الافراد حتى لاتغفل هذة الاسباب ويصاب بالمرض النفسى ..

وعندما صعد الطبيب وجد المريض ثائرا والاب فى حاله غضب وكذلك الام والاخوة وكلهم ضد المريض وتيبن الطبيب من ملامح المريض انه يعانى من حاله من النقص العقلى وتلطف فى الحديث معه وسرعان ما هدأت حالته . وتحدث الاخصائى الاجتماعى مع الاب والام فى حجرة مجاورة وتبين منها ان المريض كثير الغياب عن العمل وانه لا يستقر فى عمله وانه يصرف مرتبه دون الرجوع اليهم وانه سهل الاستثارة.

واجتمع الطبيب مع مريض الوحدة وتبينت الوحدة ان السبب فى الهياج هوا عدم استقرار المريض الذى يعانى من النقص العقلى . وافتقار االاسرة الى طرق معامله الشباب وعن عدم استقرارة فى العمل . وطلب الطبيب من المريض ان الوحدة الى النادى الذى يذهب اليه المريض وقام فعلا بخلع ملابس العمل وارتداد ملابس الخروج وخرج مع الوحدة فى عربتها وفى طريق دار حديث بين الطبيب والمريض وشرح المريض عدم تعاون اهله معه وعدم تعاون زملائه معه وانه يطلقون معه كلمه العبيط وان الناس جميعا لا يحترمونه.

وعندما ذهب الى النادى مع الطبيب بمفردة تحدث الطبيب مع المشرفين عن اهميه تردد المريض الى النادى وان على المشرفين مسؤليه رعايته هنااك ومعاملته معامله طيبه وشرح لهم مرضه وعدم استقرار ة وكيف يمكن المعاممله الطيبه ان يستقرهذا

المواطن.

وطلب الطبيب من الاخصائى الاجتماعى العمل على الحاق المريض فى عمل خاص وتتبع تكيفه فى ذلك العمل ومولاه زيارته بالمنزل وطلب الطبيب ان يزور اهل المريض الوحدة فى فترات لتشرح لهم الوحدة كيف يعاملون ابنهم وتقضى احواله وتعمل على استقرارة بالمنزل .

وبذلك بدأت ثورة الغضب واستقر المريض فى المصنع والمنزل والنادى ونال من صحبته للطبيب وافراد الوحدة الاستقرار الذى لا يمكن بأى حال من الاحوال ان يناله لو نقل من المستشفى .

ان الاسعاف النفسى امر بالغ الاهميه فى الصحه النفسيه وواجب علينا ان نبدأ فورا بوضع الاسس لنجاحهذا العمل الهام فى ميدان الصحه النفسيه. وهناك حقائق هامه يعمل الاساف النفسى على تحقيقها :-

  • ان جرثومه الامراض النفسيه والعقليه متشفيه فى المجتمع وأذا امكنا ان نعالج المريض فى المستشفيات فانهم عندما يعودون الى المجتمع مرة اخرى سوف تعود اصابتهم بالمرض وعلينا نا نعمل على علاج الاوضاع المرضيه فى المجتمع بالانتقال عليها ومعانيتها ووضع الخطط لعلاجها وتتبع ذلك التغيير حتى يستقر التحسن .
  • وهناك حقيقه ثابته هوا انه كلما بدأنا مبكرا فى علاج الاضطرابات النفسيه والعقليه كلما زادت الفرص للتحسن السريع ولذا فالاسعاف يعطى احسن الفرص للتحسن البكر السريع.
  • والاسعاف النفسى ينشر الوعى الصحيح عن الصحه النفسيه فعندما تنتقل الوحدة الى المنزل او المصنع او الى اى مكان اخر فى المجتمع تثير وعى الجماهير وتنثر الحقائق الازمه عن الصحه النفسيه وتتبع تنفيذة هذة الاسس.
  • وممارسه العمل مع مجتمع للمريض يظهر للاحصائيين بوادر اضطرابات اخرى فى اسرته والمحيطين به وتعمل الوحدة على علاج هذة الاضطرابات قبل ان نستحفل.
  • وعندما تعمل الوحدة فى المجتمع نجد ان احسن الفرص للربط بين الوحدات النفسيه والاجتماعيه والمؤسسات تعمل كفريق واحد لعلاج المريض .
  • ويساعد الاسعاف النفسى ليس فقط المريض قبل دخول المستشفى لكنه يساعد المرضى الذين خرجوا من المستشفيات ويساعدهم على لاستقرار وتتبع احوالهم وتنفيذ العلاج الذى وضعه لهم الاحصائيون قبل خروجهم من المستشفى وبذلك يساعد الاسعاف على الاقلال من النكسات قدر الامكان.

من كل تقدم نفسى نرى ان الاسعاف النفسى ليس فقط عمليه اقتصاديه ضد الاسراف ولكنه عمليه طبيه ثقافيه تعطى المريض اهليهم أحسن فرصه للعلاج والرجوع الى المجتمع اقوياء عاملين منتجين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى